جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح نظم البرهانية
69312 مشاهدة
حكم الزوجين في مسائل الرد

...............................................................................


إذا كان معهم أحد الزوجين، فتجعل لهم مسألتين: مسألة الزوجية، ومسألة الرد. فإن كان مع أحد الزوجين شخص واحد؛ فإنك تعطي الزوجة سهمها، وتعطي الشخص الواحد الباقي، مثاله: زوجة، وأخت شقيقة، أليس الزوجة لها الربع؟ والشقيقة لها النصف؟ الشقيقة تعطيها ثلاثة الأرباع؛ أي: التي بقيت بعد الزوجة، وتكون هاهنا المسألة من أربعة، نخرج ربع الزوجة، ثلاثة الأرباع الباقية لا تقول: نجعلها من ستة؛ بل تجعلها من مخرج الربع.
وكذلك لو كان عندك بنت، وزوجة، أليس مخرجها من ثمانية؟ الثمن؛ الثمن للزوجة، وللبنت النصف؛ الذي هو أربعة من ثمانية؛ ولكن تعطيها الباقي؛ الذي هو سبعة أثمان؛ أي بعد الزوجة تعطيها ما بقي.
ولا تحتاج إلى أن تكون مسألة الزوجية ومسألة الرد؛ لأن المردود عليه شخص واحد. فمسألة الزوجية إما أن تكون من أربعة، وإما أن تكون من ثمانية، مخرج الربع، ومخرج الثمن.
فلو كان عندك زوج، وبنتان، مسألة الزوجية من أربعة، الزوج له الربع، البنتان لهما الثلثان، والباقي عندك ثلاثة أرباع، ثلاثة الأرباع تعطيها البنتين، يقتسمانها سواء.
متى يجعل مسألتين؟ إذا احتاجت إلى التصحيح، تجعل مسألتين؛ مسألة زوجية، ومسألة رد، مثاله: إذا كان عندك -مثلًا– زوجة، وعندك أخت شقيقة، وأخت لأب، مسألة الزوجية من أربعة، ومسألة الرد أصلها من ستة، ولكن تعود سهامهم إلى أربعة؛ لأن الأخت الشقيقة لها ثلاثة، والأخت من الأب لها واحد، فتكون سهامهم من أربعة، ولكن الباقي لهم ثلاثة بعد الزوجة؛ لأن مسألة الزوجية من ثلاثة، وبقي لهم ثلاثة، وسهامهم أربعة من أصل ستة، والأربعة لا تنقسم عليها الثلاثة، ففي هذه الحالة ننظر بين الثلاثة وبين الأربعة، نجد بينهما مباينة، فنضرب الأربعة في الأربعة، أربعة في أربعة بستة عشر، ستة عشر؛ للزوجة سهم واحد مضروب في الأربعة، التي هي سهام هؤلاء، التي هي سهامهم؛ سهامهم أربعة، فلها واحد في أربعة بأربعة، ولهم اثنا عشر، للشقيقة ثلاثة، وللأخت من الأب واحد، . أو الأخت من الأم واحد.
نعرف أن مسألة الرد هي من المسائل الخلافية التي خالف فيها بعض العلماء، فلم يذكرها الرحبي في الرحبية؛ ولكن البرهاني ذكرها، ونظمها - أيضًُا - بعض المشائخ المتأخرين الشيخ محمد الخليفي ابن عم إمام الحرم السابق رحمه الله فهو يقول في أولها:
إن أبقت الفـروض بعض الـتركة
ولـيس ثم عــاصب قـد ملكـه
فــرده لمـا سـوى الزوجـين
مـن كــل ذي إرث بغـير ميـن
(من كل ذي إرث) يعني: من كل ذي فرض، معلوم أنه لا يرد إلا على الذين لهم فروض، وأما الذين لهم تعصيب؛ فإنهم يأخذون المال بالتعصيب، ولا حاجة إلى أن يرد عليهم؛ لأنهم يأخذون ما بقي؛ ولهذا قال:
....................................
ولـيس ثم عــاصب قـد ملكـه
ففي هذه الحال إذا قلنا: إنه لا يرد على الزوجين تجعل مسألة الزوجية، ومسألة الرد.
عرفنا -مثلًا- أن مسألة الزوجية من مخرج الربع، أو من مخرج الثمن، فإذا فرضنا أن الذي عندنا -مثلا– بنت، وبنت ابن، وزوجة، مسألة الزوجية من ثمانية، مخرج الثمن، مسألة الرد من أربعة؛ لأن البنت لها النصف، ثلاثة من ستة، بنت الابن لها السدس، واحد من ستة، أصبحت مسألة الرد من أربعة، نظرنا في السبعة التي بقيت، سبعة من الثمانية، يستحقونها، هل تنقسم على أربعة؟ تباين، لا تنقسم؛ ولكنها تباين، ففي هذه الحال نضرب سهامهم التي هي أربعة في المسألة الأولى التي هي ثمانية، فتكون باثنين وثلاثين؛ اثنين وثلاثين، أربعة في ثمانية باثنين وثلاثين، الزوجة لها واحد، يضرب في هذه المسألة، في أربعة، فلها أربعة، أليس الأربعة هي ثمن اثنين وثلاثين؟ نعم. ثمن اثنين وثلاثين، ويبقى عندنا السبعة هذه نضربها -أيضًا- في الأربعة، بثمانية وعشرين، الثمانية والعشرين نقسمها على البنت، وعلى بنت الابن، تنقسم عليهم على أربعة، على أربعة السهام، البنت لها واحد وعشرون، وبنت الابن لها سبعة، هذا تصحيحها، إذا كان فيها أحد الزوجين.